::.. انفجـــار بـركــــان ااـمــدينـــة المــنورة ..::

الحمد لله الذي شرع لعباده نسك الطواف والصلاة والسلام علي خير من حج وطاف وعلي آله وأصحابه الطيبين الأشراف .. خير من صلي وصام وأوتر بالليل والناس نيام وأقام دولة الإسلام وحطم دولة الأصنام .. والحمد لله علي الإيمان والحمد لله علي نعمة الأوطان والحمد لله علي الصحة في الأبدان والحمد لله علي أن جمعنا أحبة وإخوان.
الحمد لك لا ند لك من عالم الذر الخفي إلي الفلك.. ما سار وطار فيه أو سلك.. ما كان انس وجن أو ملك.. من عاش في الدنيا مديدا أو هلك.. وكان في الدنيا وضيعا أو ملك.. الكل قد شهدوا أن الحمد لك والشكر لك..
أورد المؤرخون العديد من الروايات بخصوص البركان الذي ضرب المدينة المنورة .. وباستعراضها جميعاً نصل إلى هذه النقطة
شهد عام 654هـ منذ شهوره الأولى إحداثا جيولوجيه في عدة مناطق منها العراق والشام والحجاز , فقد حدثت تغييرات كثيرة في المناخ وهطلت أمطار غزيرة أعقبتها سيول مدمره وغزيرة أغرقت بغداد إلى درجة أن السكان أصبحوا يتنقلون في الشوارع بالقوارب وحدثت سلسله من الهزات الارضيه في منطقة الحجاز ووقع أعنفها في محيط المدينة المنورة وانتهت بانفجار البركان في الحرة الشرقية .
ففي يوم الاثنين الأول من رجب لعام 654 هـ وقع زلزال خفيف أحس به بعض أهل المدينة ولكن يبدو حينها أن مركز الزلزال ليس قريباً من المدينة فلم يشعر به سوى البعض وفي كل يوم تزداد قوة الهزة حتى يوم الأربعاء الثالث من رجب حدثت هزه قويه شعر بها أهل المدينة جميعهم فهرع الناس إلى المسجد النبوي الشريف لدرجة أن المنبر قد اهتز لقوة الهزة ... وفي ضحى يوم الجمعة الخامس من رجب حدث زلزال قوي أعقبه دوي هائل مثل دوي الرعد القاصف فارتاع الناس لها روعه عظيمه وظهرت لهم نار هائلة تنفجر من الأرض في الجهة الشرقية من المدينة , وظهر منها دخان عظيم في السماء واستمر تدفق النار حتى مغيب الشمس وفي الليل بدت السنة النار الهائلة تصعد في السماء ثم ينحدر منها شلال عظيم فيه صخور تحترق وأبخره تتصاعد .
وكان موقع البركان كما يذكر الرواة قريب من منطقة بني قرضه وهو في تل يقع بين جبلين وبجانبه وادي كبير انهمرت به الحمم البركانية تحرق كل ما يصادفها من شجر وحجر لدرجة أن أهل المدينة المنورة ولأول مره يشاهدون ناراً تمشي على الأرض ( مثل النهر احمر وأزرق ) واستمر تفجر البركان طوال الليل حتى أيقن الناس أن العذاب قد أحاط بهم , وتوجه القاضي سنان إلى أمير المدينة وطلب منه أن يتوب إلى الله ويقلع عن ذنوبه فأعتق الأمير كل مماليكه ورد على الناس مظالمهم وهبط من قصره ومعه أعيان البلد إلى المسجد النبوي وتوجه كل أهل المدينة إلى المسجد النبوي متذللين إلى الله مستجيرين إليه من البركان , وبعد أن تجمعت الحمم في بحيرة صغيره ثم شقت طريقها في أكثر من اتجاه واتجه القسم الرئيسي منه إلى ناحية جبل احد وانحرف إلى تيار منها إلى منطقة العريض ففزع الناس لأن العريض منطقه مرتفعه عن بقية المدينة ( يقع حي العريض على يمين طريق المطار الطالع خلف محطة الزغيبي وما وراءها وشاء الله أن يتوقف هذا التيار ولم يتقدم أكثر ناجية المدينة ولكن التيار الذي اتجه ناحية جبل احد استمر حتى تقاطع وادي قناة القادم من الشرق فأخذت الحمم تتجمع فيه حتى كونت في مجرى الوادي سد كبير امتد إلى طرفيه , واستمر البركان اثنين وخمسين يوماً وفي رواية أخرى ثلاثة أشهر وتوقف اللهب فتره بسيطة في السابع والعشرون من شهر رجب عام 654 ثم عاود الاشتعال وامتد نهر الحمم حسب تقدير القسطلاني أربعة فراسخ في عرض أربعة أميال وارتفاع قامة ونصف وقد ذكر السمهودي أن الحمم قد قطعت الوادي وكونت سداً كبيراً يقطع السيل مما جعل المدينة تكتسب بحيرة كبيره تتجمع فيها المياه كما أن لها فائدة أخرى وهو أنها قطعت الطريق أمام الأعراب كي لا يغزو المدينة من تلك الجهة ......
وصلي الله علي سيدنا محمد وسلم...