بسم الله الرحمن الرحيم
طريقة حزب التحرير في التغيير طريقة حصرية لا يوجد غيرها لا شرعا ولا واقعا
دكتور حازم عيد بدر
إن طريق التغيير السياسي التي بتلبسها حزب التحرير في إنهاض الأمة الإسلامية،واستئناف حياتها الإسلامية المفقودة منذ أكثر من ثمانين سنة هي الطريق الوحيد ة الصالحة والثابتة لذلك شرعا وواقعا . أما شرعا فلأن أدلتها شرعية ولا يدخل الهوى والتشهي فيها ، وواقعا لأن الواقع يصدقها وتنطق مفرداته أنها صحيحة للتغيير وأن عداها يحرف التغيير عن جادته ويؤخره.
وملخص طريقة الحزب أنها تقوم على العمل السياسي في الأمة دون العمل المادي حتى تستلم الأمة الحكم ، وتحمل الإسلام للعالم بالدعوة والجهاد. ومعنى ذلك أن الحزب الذي يقود التغيير ممنوع عليه شرعا استخدام وسائل مادية في تغيير حال الواقع ، بل إن كل عمله فكري سياسي ، من خلال صراع الأفكار الجاهلية الموجودة عند الناس حتى يتركوها ويحتضنوا أفكار ومفاهيم الإسلام فقط،ومن خلال كفاح الأنظمة الموجودة في بلاد المسلمين عن طريق كشفها ومحاسبتها والتصدي لمؤامراتها وعداوتها للإسلام نيابة عن الكفار .والعمل في هذين الخطين (الصراع الفكري والكفاح السياسي ) أي العمل الواجب إتباعه في التغيير هو أساس التغيير الذي سلكه الرسول صلى الله عليه وسلم بالتركيز على عقائد الناس وفكرهم قبل حكمهم بنظام من جنس ذلك.وهذا النهج في العمل يوافق القاعدة الشرعية العريضة التي قضاها الله كمعادلة للتغيير, فقال: { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } الرعد11 . لكن العمل السياسي لابد له من قوة تحميه وتنصره، وتوصل أفكاره إلى الحكم في دولة ، ولذلك فإن الصراع الفكري والكفاح السياسي لا يوصلان للحكم لفقدانهما القوة المادية لتحقيق ذلك ، وإن كانا مقدمة لازمة له.ولذلك يضاف عمل طلب النصرة لهذين العملين من أجل إيصال الحزب إلى الحكم ، وتطبيق الإسلام في دولة خلافة. هذه هي الطريقة الثابتة شرعا والتي تصادفها كل حالات الواقع اليوم في العالم الإسلامي،وكل التجارب الدعوية التي قادها ويقودها مسلمون هنا وهناك عن قصد محمود و إخلاص أو عن انحراف متعمد . هذه الطريقة التي يقودها الحزب حصرية في إيصال الأمة الإسلامية إلى مرادها وهو عودة المسلمين إلى رشدهم في فهم الإسلام وعودة هذا الإسلام مطبق في دولتهم دولة الخلافة.
لكنه يثار حول هذه الطريقة الثابتة والصحيحة شبهات وتساؤلات (سواء كانت مخلصة أو مدسوسة) للتدليل على عدم شرعيتها ، أو قصورها ، وبالتالي عدم جدواها في النهوض بأعباء التغيير المطلوب . ومن واجب الحزب المبدئي تجاه أمته بيان طريقته بيانا شافيا يشفي الصدور ويدفع الشبهات عن خط العمل الذي يتبناه ، وهذا حق للمسلمين عند من يدعوهم للعمل والتغيير عسى الله أن ينفع بها جميع المسلمين.
وأبرز ما يسأل حول طريقة الحزب وما يمكن أن يثار ويحوك في عقول أبناء المسلمين تجاهها القضايا التالية:
1.أن الحزب يركز في دعوته على استئناف الحياة الإسلامية وإقامة الخلافة مع أن هذا ليس بواجب.أقول : نعم إنه الهدف الذي يجب أن يسعى إليه جميع المسلمين وجميع الحركات الإسلامية ، فوجود دولة للمسلمين أمر واجب تنفذ أحكام الشرع المترتبة عليهم مثل إقامة الحدود ورعاية الشؤون وحماية الثغور وحمل الدعوة للعالم لأن ذلك هو الطريقة الوحيدة لتحقيق هذه الأمور والقيام بهذا الواجب . قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }المائدة50 وقال: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }النساء65 وقال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام:"إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به" (متفق عليه) . وقد انعقد إجماع الصحابة على لزوم إقامة خليفة لرسول الله عليه السلام ، والقاعدة الشرعية (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) تحتم وجود خليفة للمسلمين.وعليه فعلى من يريد من الجماعات أن تبرأ ذمته عند الله أن يعمل لاستئناف حياة المسلمين المفقودة بإقامة خلافتهم.
2.أن الحزب يقول أن طريق التغيير يجب أن تكون شرعية ،لكن هذا ليس ملزما. أقول :هناك نصوص كثيرة توجب الإقتداء بطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم بحمله للدعوة لا نحيد عنها قيد شعرة ، ولا نبتعد عنها تحقيقا لمصلحة ولا تهربا من بطش أو شدة، ولا نتركها بحجة اختلاف العصر وتطور الحياة ، فهي الطريق القويم والمحجة البيضاء . قال تعالى: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63
3. أن عالمية دعوة الحزب واستهدافه كل الناس ليس مطلوبا ،وأنه يجب أن يهتم بالعمل القطري والقضايا الوطنية.أقول: يجب على أية جماعة تريد إبراء ذمتها عند الله أن تسعى لتحرير كل الناس من عبودية الإنسان إلى عبودية رب الإنسان، وتحرير الأرض كل الأرض من حكم الطاغوت للحكم بما أنزل الله حتى لو كانت هذه الجماعة ما زالت تعمل في بقعة صغيرة من الأرض.قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } سبأ28 , فالإسلام لم يأت لفئة معينة أو قطر معين دون غيره ، والدعوة إليه والعمل على إيجاده يجب أن يكون لكل للناس وفي كل مكان.والرسول وهو يستهزأ به وبدعوته ، وأصحابه يعذبون، ورسالته ودعوته لم تخرج من مكة كان يقول وهو ينظر بعيدا مستهدفا العالم ومن اللحظة الأولى "والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه" (رواه البخاري). كما كان يعلن صلوات ربي وسلامه عليه أنه سيفتح كنوز كسرى وقيصر . وعليه فأية جماعة إسلامية لا تعي ذلك وتغلق على نفسها حدود سايكس بيكو تكون قد أخطأت الرؤية والمنهج والعمل.كما أن سياسية تقزيم العمل الإسلامي في أوطان وقضايا محلية ممسوخة لم تورث المسلمين أي نفع منذ عقود ولم تتقدم بهم باتجاه التغيير المنشود ، بل وطدت وجود حكم الطواغيت في بلاد المسلمين ،و أوقعت الكثير من أبناء المسلمين في حبائل الأنظمة والكفار وحرفتهم عن صحيح العمل الإسلامي. إن من يعمل للإسلام منطلقا من اعتراف بالأوطان وقبول بشرعية حكامها والدخول تحت عباءتها لن يرث إلا بوار العمل وسخط الله.
4. أن الحزب يدعو إلى الإسلام مطبقا في دولته ، لكن يمكن أن تتم الدعوة إلى بعض الإسلام ، وأن المسلمين يتعبدون الله ولو لم تكن دولة. أقول : إن مبدئية العمل للإسلام تقتضي أن يكون الإسلام هو القاعدة الفكرية التي تنبثق منها جميع الأحكام التي تتبناها هذه الجماعة،وتضبط سلوكها وأعمالها وغاياتها وأهدافها على أساسها ،دون اعتبار للمصلحة العقلية ،أي الهوى،ودون اعتبار للظروف والواقع،أو لموازين القوى والمواقف الدولية ، فلا مجال للانتقاء والتخير بين فروض الله سبحانه، كأن نقيم جماعة للدعوة إلى الصلاة وأخرى للصيام وثالثة للأخلاق دون سائر الفروض .إن الدعوة إلى أي شيء من دين الله يثاب عليه ويحمد ،لكن الاقتصار عليه وترك غيره ليس من الإسلام في شيء،ولا يحقق المطلوب من لزوم العمل لتطبيق كامل الإسلام. قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }البقرة85 وقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ } المائدة3 . إن معنى { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هو الالتزام بكل ما أمر الله والانتهاء عن كل ما نهى عنه، وكلها يجب الالتزام بها ،فكيف يربط التغيير ببعض الأعمال ويفصل عن غيرها؟ إن الله الذي أمر بالصلاة أمر بالخلافة ، والذي أمر بالصيام أمر بوحدة الأمة الإسلامية. والتغيير الذي أمر الله به يتناول كل عمل حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، ولا يغني أو يجزأ أي حكم عن حكم آخر. وكما لا تجزئ الصلاة عن الزكاة ، ولا الزكاة عن الصيام ، ولا قراءة القران عن غيرها من العمل الصالح ،فكذلك لا يجزئ الالتزام بأي من هذه الأحكام عن حمل الدعوة لإزالة المنكرات ، وعلى رأسها منكرات الأحكام ،ولا عن إقامة الخلافة والحكم بما أنزل الله. إن من أبناء المسلمين من يوهم نفسه بأن القيام ببعض الأعمال (مثل العبادات والأعمال الخيرية من خلال مؤسسات تجمع للمحتاجين أو تقيم خطب ودروس أو غير ذلك من أعمال الخير والبر) كاف، وأنها طريق التغيير ،محاولين إقناع أنفسهم بذلك وأنهم بهذه الأعمال يقومون بواجبهم تجاه التغيير ، وهذا خطأ.بل إن من هؤلاء من قد يأمر بمنكر أو يقوم به،و ينهى عن واجب أو يمنع غيره من القيام به، بحجة المحافظة على من يقوم به هو من أعمال ، فيصبح التعرض لظلم الحكام ،ولأنظمة الكفر وقوانينه وسياساته خطا أحمرا عندهم، فترى من هؤلاء من يثني على الحاكم وعدله وإخلاصه مع علمه بكفره وفجوره وظلمه ، وتراه يدعو إلى انتخابات و تأييد من يحكم بغير ما أنزل الله، وتراه يهنئ الكفار والفجار بمناصب يحاربون فيها الإسلام، أو يؤم الناس لصلاة الجنازة على كافر من الحكام ، أو تراه يمنع إلقاء كلمة حق في مسجده توجسا وخيفة من الحكام ،ومتذرعا بما يتوهمه من عواقب وخيمة بنظره ، أو بضرورة استمرار أعماله الخيرية أو الدعوية (التي يقبلها الحاكم) . إن الحكام ليهمهم أن يحصر المسلمون أعمالهم بما لا يؤثر في بقائهم فوق كراسيهم ، ليكون المسلمون أدوات بأيديهم يثبتون بهم حكمهم .إن هذا المنهج في الدعوة والذي يقوم على تبعيض الإسلام عقيم ولا يبرئ ذمة أمام الله .كما أن الزعم أن هذه الأعمال خطوة على طريق التغيير غير صحيح ،فالاكتفاء بها فضلا عن جعلها بديلا عن العمل الصالح والهادف للتغيير, هو ضلال وتضليل وعامل تخدير للأمة ،إذ يحكم قبضة عدوها ويضيع الجهود في أعمال لا يلبث أصاحبها أن يدركوا أنها صارت هي أيضا خط أحمر، وأنهم ينبغي أن يحافظوا على ما تبقى مما هو دونها حسب ذرائعهم. إن التغيير لا يحصل بأعمال لا تؤدي إليه ، فلا يحصل النصر بالدعاء ، ولا يهزم العدو بطلب العلم أو الصلاة ،ولا يؤدي عمل تحفيظ القران أو مساعدة الفقراء أو إنشاء صفحة على الإنترنت أو مدرسة لدراسة الإسلام ...لا يؤدي ذلك إلى وحدة الأمة الإسلامية ولا إلى إقامة الحكم بما أنزل الله ولا إلى إحياء فريضة الجهاد ، ولا يدفع أي من هذه الفتن المتلاحقة على المسلمين في كل مكان. فمثل هذه الأعمال لها مواقيتها وقيمتها الشرعية حسب أدلتها ،و لكنها لا تجزئ عن غيرها مما هو مطلوب ، ولا تؤدي إلى التغيير الذي أمرنا الله به. وعلى ذلك فإن قصر التغيير على بعض الأعمال وخاصة تلك التي لا تغير الواقع هو خطأ أكيد وواضح، بل هو انحراف خطير في الفهم يؤدي خدمات كبيرة لأعداء الإسلام . كما أن تبرير الانحراف بعجز الدعاة وبواقع الأمة وضعف إمكانياتها وقلة خياراتها ،وبقوة الكفر وحجم جموعه وعظم إمكانياته وكثرة خياراته ليس إلا ضعفا في الإيمان ، والله أثنى على قوة الإيمان والثبات وذم من يسارعون لإرضاء الكفار في قوله تعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }آل عمران173 وقوله: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} المائدة52 . إنه لا يقوم بالتغيير الشرعي الصحيح ولا يسعى إليه أو يتبع طريقته من لم تكن منطقة إيمانه سالمة، وإيجاد هذا الإيمان هو أولى خطوات هذا التغيير وتوسيع دائرته في الأمة هو القوة الدافعة لإحداث هذا التغيير. ومن الإيمان في عقيدتنا أنه {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون} البقرة156 ومنه {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }الحديد22 ومنه {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }الروم47 ومنه{وَالعَاقِبَةُ للمُتَقِينَ} ومنه{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } يونس62 ومنه {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } الطلاق2 ومنه{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } الزمر36 ومنه {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ } الحج38 ومنه {وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ }إبراهيم46 ومنه {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ } الأنفال36 ومنه {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ }البقرة155 ومنه {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ } العنكبوت2 . فشتان بين ا لصدق والكذب في الإيمان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }التوبة 119 أما محرفي الدين وعلماء السلاطين الذين يصورون الخلافة أمر خيالي أو فتنة فنقول لهم {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} النحل116 . إن من سقيم منطق بعض علماء السلاطين اليوم أنه إذا كان الحكام لا يحبون الأحكام الشرعية التي تبين ظلمهم وخيانتهم ووجوب تغيرهم وإقامة الخلافة،فإنه ليس من الضروري - كما يزعمون- أن ندعوا إلى هذه الأحكام التي تغضبهم, لأن هناك أبوابا أخرى من الخير ، يمكن أن تحصل الدعوة إليها دون متاعب. وهذا من أعظم وأخطر الخدمات التي تقدم لحكام الكفر وسلاطينه ، فهي دعوة إلى الاستسلام ، وإلى عدم إزعاج الحكام وإلى إرضائهم ، مع أنهم يحكمون بالكفر والطاغوت . إنها دعوة مجرمة لتوجيه الناس إلى هلاكهم وإلى ما يعرضهم للخطر وإلى ما لا يؤثر على الخصم (الحكام وأنظمتهم الكافرة ومن يقف خلفهم من دول الكفر) ولا يفيد في تحقيق النصر والغلبة عليهم. إن الصراع على أشده بين حملة الدعوة المخلصين من جهة، و بين الحكام وعملائهم العلماء من جهة أخرى، وإن ما يفعله هؤلاء العملاء الخونة لدينهم ، إضافة إلى وقوفهم مع الباطل، وتهوينهم من شأن الأعمال والقوى التي لها الأثر الحقيقي في الصراع ،وتضخيمهم لقوى خصوم المسلمين من حكام وغرب كافر, وتضخيمهم لما لا قيمة له من أعمال, لن يثمر في الفت في عضد من يسعى إلى التغيير الجاد رغم كل التضليل. كما أن الكافر المستعمر وعملاءه يراقبون أعمال المسلمين وتحركاتهم و أفكارهم, فإن كانت لا تؤثر على هيمنتهم ومصالحهم فإنهم لا يحاربونها ، بل يظهرون لها القبول والود كيدا ومكرا ، أما ما عدا ذلك فيحارب بضراوة. وهكذا تستخدم الأنظمة علماء السوء في حرف الناس وصرفهم عن طريق الدعوة القويم ويسدون كل السبل أمامها، ويفتحون الطرق التي لا تنتج ولا تفيد. كما تستخدمهم في تشويه أفكار حملة الدعوة والسخرية منهم واعتبارهم متصلبون وجامدون و عنيدون على رأيهم الذي يدفع إلى الفتنة - حسب زعمهم - وأنهم لا يفهمون منهج (الوسطية) الواجب إتباعه؟!!! فلا حول ولا قوة إلا بالله . علماء تفرد لهم فضائيات المجرمين لا يخرجون عن سياساتها وشباب تقي نقي تزخر سجون الطواغيت بهم لأنهم يقولون بما يقول الله ،فمن تصدقون أيها المسلمون؟!!
وللبحث بقية
--------------------